أماكن الزيارة في المدينة النبوية
يشرع شد الرحال والسفر لزيارة مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، فهو المقصد لمن يزور المدينة ويقدم عليها، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، ومسجد الأقصى" (البخاري 1189, مسلم 1397).
والصلاة فيه أفضل من ألف صلاة في غيره إلا المسجد الحرام, قال النبي صلى الله عليه وسلم: "صلاة في مسجدي هذا خيرٌ من ألف صلاة فيما سواه، إلا المسجد الحرام" (البخاري 1190, مسلم 1394).
ولكن من سكن المدينة أو زارها استُحبَّ له زيارة خمسة مواضع ثبت في الأحاديث استحباب زيارتها, وهي كالتالي:
1- الروضة الشريفة:
وهي موضع في المسجد النبوي يقع بين المنبر وحجرة النبي صلى الله عليه وسلم، ويبلغ عرضها قرابة 26 متراً ونصف، وهي الآن محددة بسجاد أخضر اللون مختلف عن بقية سجاد الحرم.
ويستحب لمن زار المدينة الحرص على الصلاة والعبادة فيها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة" (البخاري 1195, مسلم 1390).
قال الحافظ ابن حجر: "حديث: (ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة ) فيه إشارة إلى الترغيب في سكنى المدينة، وقوله: (بيتي) أحد بيوته لا كلها، وهو بيت عائشة الذي صار فيه قبره، وقد ورد الحديث بلفظ: (ما بين المنبر وبيت عائشة روضة من رياض الجنة) أخرجه الطبراني في الأوسط قوله: (روضة من رياض الجنة) أي كروضة من رياض الجنة في نزول الرحمة وحصول السعادة، بما يحصل من ملازمة حلق الذكر، لا سيما في عهده صلى الله عليه وسلم، فيكون تشبيهًا بغير أداة، أو المعنى: أن العبادة فيها تؤدي إلى الجنة " (فتح الباري 4/100).
2- قبر النبي صلى الله عليه وسلم:
فيستحب لمن كان بالمدينة أن يزور قبر النبي صلى الله عليه وسلم، وقد حثّ النبي صلى الله عليه وسلم على زيارة القبور عموماً, فعن أبي هريرة قال: زار النبي صلى الله عليه وسلم قبر أمه فبكى وأبكى من حوله فقال: "استأذنت ربي في أن أستغفر لها فلم يؤذن لي، واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي، فزوروا القبور فإنها تذكر الموت" (مسلم 976).
وقبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى ما يزار.
وصفة زيارته لقبر النبي صلى الله عليه وسلم كالتالي:
1- السلام على النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه, فعن نافع: أن ابن عمر كان إذا قدم من سفر دخل المسجد ثم أتى القبر فقال: "السلام عليك يا رسول الله, السلام عليك يا أبا بكر, السلام عليك يا أبتاه" (ابن أبي شيبة 11793، عبد الرزاق 6724, البيهقي 10271).
2- أن يقف عنده باحترام وأدب ولا يرفع صوته، فإن النبي صلى اله عليه وسلم موقر حيًّا وميتًا, وقد قال الله تعالى: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ - إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ{.
3- أن يقف قريبًا منه قدر المستطاع عند السلام عليه مستقبلاً القبر؛ لأن مخاطبته مِن بُعْد قلة أدب, قال الله تعالى: }إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ{.
4- ألا يتمسح بالقبر أو بشيء آخر؛ فالمسح والاستلام عبادة اختص بها الحجر الأسود والركن اليماني.
وفي رواية لأثر ابن عمر السابق: "بدأ بقبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى عليه وسلم ودعا له، ولا يمس القبر" (السنن الصغرى للبيهقي 1770).
5- عدم سؤال النبي صلى الله عليه وسلم قضاء حاجة، أو تفريج كربة, أو شفاء مريض؛ لأن كل هذا لا يطلب إلا من الله عز وجل الحي الذي لا يموت, والنبي صلى الله عليه وسلم جاء بالتوحيد ونفي الشرك.
6- عدم اعتقاد أن زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم واجبة أو شرط في الحج، كما يظنه بعض العامة وأشباههم، بل هي مستحبة في حق من زار مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، أو كان قريباً منه.